مع إقتراب "الفلانتين" الذي يعد أحد من أهم احتفالات الحب الذي كان قد تم اختياره أن يكون يوم 14 فبراير ليكون هذا موعده من كل عام يبحث فيه البعض عن قصص الحب في التراث العربي والتي كان قد إنتهت بعضها نهاية سعيدة.
ومنها أيضاً ما وصل إلى طريق مسدود ومات الحبيب في نهاية الأمر وكان ذلك بشكل مأساوي وهو لم يطل وصله ولعلنا حيث قد وصل لنا ببعض القصص أشهرها قصة قيس وليلى أو قصة عنترة وعبلة وغيرهم أيضاً من القصص التي لازالت يتم تداولها حتى في بعض المناهج الدراسية.
ومن خلال السطور التالية سوف نرصد لكم أشهر قصص الحب في التراث العربي القديم :
1: قصة عنترة وعبلة:
تعد قصة عنترة وعبلة من أشهر قصص الحب التي يعرفها العرب، وبطلها هو عنترة بن شداد من قبيلة بني عبس وعبلة، وكان عنتر فارسا يهاجم أعضاء القبيلة ومن يحاول الفتك بهم، لكنه كان “عبد” لأن أمه كانت جارية، وبعد أن أثبت قدراته في الحروب، ألحق نسبه ببني عبس وأصبح من الأحرار بحسب تقاليد ذلك الوقت.
أحب عنترة ابنة عمه عبلة بنت مالك، ولكنه جابه العديد من الأزمات، خاصة بعدما علم ذويها بالأمر عن طريق شعره، فكانت هي سبب فصاحته لأنه كلما ذكرها انطلق لسانه بالشعر الرقيق، وعندما علمت أمها بالأمر ذهبت إليه لتعرض عليه أن يتزوج جاريتها، فتبسم عنترة في حسرة وقال والله ما أتزوج غير من يهواه الفؤاد، فهمست عبلة في أذن عنترة “بلغك الله أمانيك”.
شاعت أبيات عنترة في وصف محبوبته في جميع القبائل فازداد حقد شقيق عبلة وأثار عليه شاس بن الملك زهير والربيع بن زياد، فواعداه على قتله، وحاول ذلك في أحد الأعراس، لكنه فوجئ وأصدقائه بعدد كبير من الفرسان قد أغاروا عليهم ونادوا بهم أثبتوا يا فتيان قبل أن تطير رؤوسكم.
فلما سمع بسام عبد الربيع ذلك المقال نبه أصحابه للقتال وقال للفرسان من أنتم وما شأنكم؟ فقال المقدم لبسام: لقد أتينا لسفك دمائكم ونهب أموالكم لا سيما اذا كان فيكم عبد السوء عنترة بن شداد.
كان هؤلاء القرسان من قوم يطلق عليهم بنو المصطلق والمقدم عليهم غالب بن وثاب وكان عنتر قد قتل له أخاً، فجهز مائة فارس يطلب بني عبس بأخذ الثأر، وهو يقول: إن كان عبد بني عبس قد قتل أخي، فأنا أقتل ساداتهم وأعود برأس ذلك الأسود.
فلما سمع بسام كلام المقدم قال له إنه قد أتى لقتل عنترة ونحن أيضاً أن إرسالهم لطلبه من بني عبس، لكن خطتهم لم تنجح، فتمكن عنترة من قتل عدد كبير منهم لحماية نساء قبيلته، وطلب من أبيه أن يلحقه بنسبه، وكان من كبار قومه.
وتقدم عنترة لخطبة عبلة، لكن والدها رفض نظرا لأن دمه بخالطه دما أجنبيا وهي أمه، وليعجزه طلب والدها بجلب عدد من مائة ناقة من النوق العصافير من الملك النعمان، أنجز مهمة أسطورية في تلبية طلب والدها بجلب النوق العصافير من الملك النعمان، لكن والدها ظل يرواغه.
وتتضارب الأقاويل حول نهاية قصتهم، هناك من يؤكد أنهما تزوجا، والبعض يشير إلى أنها تزوجت من فارس آخر من العرب، لكنه ظل يتغنى بها طوال حياته في أبيات شعره، وبحسب ما وصل إلينا فقد أشار إلى زواجها من فارس آخر عربي ضخم أبيض اللون.
2: قصة كثير وعزة:
انتشرت قصة كثير بن عبد الرحمن الأسود الخزاعي، وهو أحد أهم شعراء العصر الأموي، الذي عرف بعشقه لعزة بنت جميل الكنانية، فقد عاني الشاعر الأموي كثيرا على مدار حياته، حيث فقد والده في الصغر وعاش يتيماً، وبحسب ما يتم تداوله فقد كان كثير بن عبد الرحمن سليط اللسان منذ أن كان صبيا صغيرا.
بعد وفاة والده رباه عمه في مرابع الإبل وأبعده عن الناس حتى يصونه عن طيشه الذي اشتهر به، خوفا عليه من أن يتعرض لأزمات تتسبب في قتله، وقد اشتهر بهيامه بعزة حتى أنه سمي على اسمها فصار يلقب بـ “كثير عزة”.
وقد أحبها عندما أرشدته مرة إلى موضع ماء لسقاية الإبل في إحدى رحلاته بالمراعي وقد كانت صغيرة السن في ذلك الوقت، وكأغلب قصص الحب عند العرب لم يتزوج، لأن عادة العرب كانت ألا يزوجوا من يتغزل شعراً ببناتهم، وقد كتب فيها كثير أبيات من الشعر تداولها كل من حوله.
وقد تزوجت بثينة وغادرت من المدينة المنورة إلى مصر مع زوجها، ولحق بها كثير إلى هناك لكنه عاد إلى المدينة وتوفي بها.
ومن قوله:
رأيت جمالها تعلو الثنايا
كأنّ ذرى هوادجها البروج
وقد سمع عبد الملك بن مروان بقصصه، فلما دخل عليه ذات يوم وجده قصير القامة نحيل الجسم، بالإضافة إلى كونه أعور كما كان يقال، فقال عبدالملك: أأنت كثير عزة؟
وأردف: أن تسمع بالمعيدى خير من أن تراه!
فأنشده قولا القصيدة الشهيرة التي مطلعها:
ترى الرجل النحيف فتزدريه
وفـي أثـوابـه أســد هـصـورُ
ويعجـبـك الطـريـر إذا تـــراهُ
ويخلفُ ظنكَ الرجـلُ الطريـرُ
بغـاث الطيـر أكثرهـا فراخـاً
وأم الصقر مقلات نزور.
فقال عبد الملك له: لله دره، ما أفصح لسانه، وأطول عنانه! والله إني لأظنه كما وصف نفسه، وقيل إنه عند وفاته شُيّع بواسطة النساء أكثر من الرجال وكن يبكينه ويذكرن عزة في ندبهن عليه.
3: قصة مجنون ليلى:
يعد لقب مجنون ليلى هو الأشهر نظرا لإطلاقه على من يحب فتاة ويرغب في الزواج منها، وأول من لقب به هو هو قيس بن الملوح الذي عشق ليلى بنت مهدي بن ربيعة بن عامر وكانت تعرف باسم “ليلى العامرية” وعاشا في البادية بنجد في العصر الأموي، وكعاظة قصص الحب في ذلك الوقت، كان لابد من رعي الأبل وحيث يبدأ الحب في المرابع، وهي ابنة عمه كانت لهما طفولة مشتركة وقد أحبها في سن صغيرة للغاية.
وكما حدث في أغلب قصص الحب، فقد رفض طلب زواجه منه، فزوجت ليلى لرجل آخر أخذها بعيدا عن الديار إلى الطائف، فبدأت القصة التي دخلت التاريخ، قصة مجنون ليلى التي فيها حب غير عادي، فالرجل فعل فيه الهيام الأفاعيل، فقد أصبح يطارد الجبال ويمزق الثياب ويستوحش من الناس ويكلم نفسه.
وقيل إنه تعلق بأستار الكعبة وهو يدعو الله أن يذهب عنه آلامه التي تسببت فيها حب ليلى، ووصل الأمر إلى أبوه الذي ضربه على ذلك الفعل، فأنشد:
ذكرتك والحجيج له ضجيج
بمكة والقلوب لها وجيب
فقلت ونحن في بلد حرام
به لله أُخُلصت القلوب
أتوب إليك يا رحمن مما
عملت فقد تظاهرت الذنوب
وأما من هوى ليلى وتركي
زيارتها فإني لا أتوب
وكيف وعندها قلبي رهين
أتوب إليك منها وأنيب
وبعد زواج ليلى ظل في للبرية لا يأكل إلا العشب وينام في الصحراء، وقد بلغ حدود الشام، وكان يعرف علته برغم “جنونه”، وقيل إنه وجد ميتاً بين الأحجار في الصحراء وحمل إلى أهله فكانت نهاية مأساوية، ووجدته ميتاً امرأة كانت تحضر له الطعام.
4: قصة ابن زيدون وبنت المستكفي:
تعد قصة ابن زيدون وبنت المستكفي من القصص الشائعة في العصر الأندلسي، حيث عاش ابن زيدون حياة هنيئة وكان أديبا وشاعرا بمثابة وزير المعتضد بالله بن عباد في إشبيلية، وفي المقابل فإن ولادة بنت المستكفي كان أبوها حاكما على قرطبة لكنه قتل، كما عرفت على أنها من الأديبات الشهيرات في زمانهن.
وقد التقت ولادة بنت المستكفي بالعديد من الأدباء والشعراء لكن لم يلق أحدهم طريقا إلى قلبها سوى ابن زيدون، والذي بادلها الحب كذلك، وكانا الطرفان شاعران.
وعاش الاثنان حالة حب لفترة، لكن ذلك انقلب رأس على عقب، ثم كان الجفاء والممانعة من قبل ولادة، لكن بين الشد والجذب ولدت أقوى قصة حب في الأندلس دخلت التاريخ العربي، ومن أروع ما أنشده ابن زيدون قصيدته النونية التي جاء فيها عن الجفوة، حيث قال:
أضحى الثنائي بديلا من تدانينا وناب عن طيبِ لُقيانا تجافينا
بِنتم وبنا
فما ابتلت جوانحنا شوقا إليكم ولا جفّت مآقينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حالت لفقدكم أيامنا فغدت سُودا وكانت بكم بيضا ليالينا
ليُسق عهدكم عهد السرور فما كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا من لو على البعد حيا كان يحيينا
عليك مني سلام الله ما بقيت صبابة بكِ نُخفيها فتخفينا.
لم تآبه ولادة لأشعاره ولحبه، فبعد أن تركته سعت إلى كسب قلب الوزير “ابن عبدوس” في محاولة منها لكسبه، حتى نجحت في ذلك بالفعل، وتزوجها بعد ذلك كما كان السبب في سجن ابن زيدون لهجائه له بعد أن شعر باليأس، وبقيت ولادة في المقابل خالدة رغم كل شيء بسبب ابن زيدون.
لكن هناك وجه آخر للقصة، فقد أشار بعض من نقلوها إلى أن ابن زيدون تعلق بإحدى جواري ولادة، ليثير غيرتها، أو أن ذلك حدث وهي تتغالى عليه، ما أثار غضبها وغيرتها.
تعليقات
إرسال تعليق